عدنان بن عبد الله القطان

26 رجب 1444 هـ – 17 فبراير 2023 م

————————————————————————

 

الحمد لله خص رسله بالرسالات، وأيدهم بالمعجزات، وأكرمهم بالآيات، نحمده كما ينبغي أن يحمد، ونشكره كما يجب أن يشكر ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، دلت أسماؤه وصفاته على عظمته، وبرهنت آياته في خلقه على قدرته، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، أسرى به ربه إلى المسجد الأقصى وعرج به إلى السموات العلى، فأبصر ما أبصر من آياته الكبرى، ما كذب الفؤاد ما رأى ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، أهل البر والتقى، والتابعين لهم ، بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى، (يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آَمَنُوَا اتَّقُوْا الْلَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوْتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُوْنَ)

معاشر المسلمين: إن من أعظم منن الله تعالى علينا أن بعث إلينا خاتم رسله، وخير أنبيائه، وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس: يقول تعالى: (لَقَدْ مَنَّ الْلَّهُ عَلَىَ الْمُؤْمِنِيِنَ إِذْ بَعَثَ فِيْهِمْ رَسُوْلاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوْ عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيْهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوْا مِنْ قَبْلُ لَفِيْ ضَلالٍ مُّبِيْنٍ)… ومن نعم الله علينا ما فضل الله تعالى به نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم، وخصه به من فضائل ومعجزات، ومن تلك الفضائل والمعجزات (الإسراء والمعراج)، وقد جاءت هذه الحادثة الهامة والخطيرة، في آخر مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة، قيل في هذا الشهر وهو شهر رجب، وقيل في غيره، ولم يثبت في يوم بعينه أو شرعت عبادة مخصوصة لهذه المناسبة، وإنما المطلوب والمندوب، تدبر هذه الحادثة والاعتبار والاتعاظ منها، وتأمل ما ورد من كتاب ربنا سبحانه، ومن سنة نبينا صلى الله عليه وسلم في هذا الحدث العظيم، واستلهام العبر منه، لا سيما في تلك المعجزة العظيمة… فالإسراء هي رحلة أرضية في لمح البصر من مكة المكرمة إلى بيت المقدس، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، يقول سبحانه وتعالى: (سُبْحَانَ الَّذِيْ أَسْرَىَ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَىَ الْمَسْجِدِ الأَقْصَىَ الَّذِيْ بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ الْسَّمِيْعُ الْبَصِيْرُ) وأما المعراج فهو رحلة سماوية من بيت المقدس إلى السماء السابعة إلى مستوى لم يصل إليه بشر من قبل، إلى سدرة المنتهى، حيث رأى الآيات العجيبة كما قال سبحانه: (لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ)

أيها المؤمنون والمؤمنات: لقد كانت رحلة الإسراء والمعراج اختباراً جديداً للمسلمين في إيمانهم ويقينهم وفرصة لمشاهدة النبي صلى الله عليه وسلم عجائب القدرة الإلهية، والوقوف على حقيقة المعاني الغيبية، والتشريف بمناجاة الله في موطن لم يصل إليه بشر قط، إضافة إلى كونها سبباً في تخفيف أحزانه وهمومه، وتجديد عزمه على مواصلة دعوته والتصدي لأذى قومه. فقد شهدت الأيام السابقة لتلك الرحلة العديد من الابتلاءات، كان منها موت زوجته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، والتي كانت خير عون له في دعوته، ثم تلاها موت عمه أبي طالب، ليفقد بذلك الحماية التي كان يتمتع بها، حتى تجرأت قريش على إيذائه صلى الله عليه وسلم والنيل منه، ثم زادت المحنة بامتناع أهل الطائف عن الاستماع له والقيام بسبه وطرده، وإغراء السفهاء لرميه بالحجارة، مما اضطره للعودة إلى مكة حزيناً كسير النفس… ومع اشتداد المحن وتكاثر الأحزان، كان النبي صلى الله عليه وسلم في أمس الحاجة إلى ما يعيد له طمأنينته، ويقوي من عزيمته، فكانت رحلة الإسراء والمعراج حيث أسري به صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس، ثم عرج به إلى السماوات العلى، ثم عاد في نفس اليوم.

أيها الأخوة والأخوات في الله: وتبدأ القصة عندما جاء جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم بالبراق، وهي دابة عجيبة تضع حافرها عند منتهى بصرها، فركبه النبي صلى الله عليه وسلم وانطلقا معاً إلى بيت المقدس.

وفي هذه المدينة المباركة كان للنبي صلى الله عليه وسلم موعد للقاء بإخوانه من الأنبياء عليهم السلام، فقد اصطحبه جبريل عليه السلام إلى المسجد الأقصى، ثم دخلا إلى المسجد، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء إماماً، وكانت صلاته تلك دليلاً على مدى الارتباط بين دعوة الأنبياء جميعاً من جهة، وأفضليته عليهم من جهة أخرى.

عباد الله: ثم بدأ الجزء الثاني من الرحلة، وهو الصعود في الفضاء وتجاوز السماوات السبع، وكان جبريل عليه السلام يطلب الإذن بالدخول عند الوصول إلى كل سماء، فيؤذن له وسط ترحيب شديد من الملائكة بقدوم سيد الخلق وإمام الأنبياء صلى الله عليه وسلم، وفي السماء الدنيا، التقى صلى الله عليه وسلم بآدم عليه السلام فتبادلا السلام والتحية ثم دعا آدم له بخير.  ثم صعد النبي صلى الله عليه وسلم السماء الثانية ليلتقي بعيسى و يحيى عليهما السلام فاستقبلاه أحسن استقبال وقالا: (مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح) . وفي السماء الثالثة، رأى النبي صلى الله عليه وسلم أخاه يوسف عليه السلام وسلم عليه، وقد وصفه عليه الصلاة والسلام بقوله: (وإذا هو قد أعطي شطر الحسن أي الجمال) ثم التقى بأخيه إدريس عليه السلام في السماء الرابعة، وبعده هارون عليه السلام في السماء الخامسة، ثم صعد جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء السادسة لرؤية أخيه موسى عليه السلام، وبعد السلام عليه بكى موسى فقيل له: (ما يبكيك) فقال: رَبِّ هَذَا غُلَامٌ بَعَثْتَهُ بَعْدِي يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِهِ الْجَنَّةَ أَكْثَرُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي) يعني بذلك النبي محمد وأمته.. ثم كان اللقاء بخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام في السماء السابعة، حيث رآه مسنداً ظهره إلى البيت المعمور – كعبة أهل السماء – الذي يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة لا يعودون إليه أبداً، وهناك استقبل إبراهيم عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له ثم قال : (يَا مُحَمَّدُ ، أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّيْ الْسَّلامَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ الْتُّرُبَةِ، عَذْبَةُ الْمَاءِ، وَأَنَّهَا قِيْعَانٌ، وَأَنْ غِرَاسَهَا: سُبْحَانَ الْلَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَلا إِلَهَ إِلا الْلَّهُ ، وَالْلَّهُ أَكْبَرُ)

أيها الأخوة والأخوات في الله: وبعد هذه السلسلة من اللقاءات المباركة، صعد جبريل عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى سدرة المنتهى، وهي شجرة عظيمة القدر، كبيرة الحجم، ومن تحتها تجري الأنهار، وهناك رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام على صورته الملائكية وله ستمائة جناح كما صح بذلك الحديث.

ثم حانت أسعد اللحظات إلى قلب النبي صلى الله عليه وسلم، حينما تشرف بلقاء الله عز وجل والوقوف بين يديه ومناجاته لتتصاغر أمام عينيه كل الأهوال التي عايشها، وكل المصاعب التي مرت به، وهناك أوحى الله إلى عبده ما أوحى، وكان مما أعطاه خواتيم سورة البقرة، وغفران كبائر الذنوب لأهل التوحيد الذين لم يخلطوا إيمانهم بشرك، ثم فرض عليه وعلى أمته خمسين صلاة في اليوم والليلة..  ثم خففت إلى خمس صلوات في اليوم والليلة.

أيها المسلمون: وقد شاهد النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة الجنة ونعيمها، وأراه جبريل عليه السلام الكوثر، وهو نهر أعطاه الله لنبيه إكراماً له، حافتاه والحصى الذي في قعره من اللؤلؤ، وتربته من المسك، نسأل الله تعالى أن يرزقنا الجنة بمنه وكرمه. وفي المقابل، وقف النبي صلى الله عليه وسلم على أحوال الذين يعذبون في نار جهنم، فرأى أقواماً لهم أظفار من نحاس يجرحون بها وجوههم وصدورهم فسأل جبريل عنهم فقال : (هَؤُلاءِ الَّذِيْنَ يَأْكُلُوْنَ لُحُوْمَ الْنَّاسِ وَيَقَعُونَ فِيْ أَعْرَاضِهِمْ) ورأى أيضاً أقواماً تقطع ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من نار، فقال له جبريل عليه السلام : (هَؤُلاءِ خُطَبَاءُ أُمَتِّك مِنْ أَهْلِ الْدُّنْيَا، كَانُوْا يَأْمُرُوْنَ الْنَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ وَهُمْ يَتْلُوْنَ الْكِتَابَ، أَفَلا يَعْقِلُوْنَ؟) نسأل الله السلامة والعافية.  ورأى شجرة الزقوم التي وصفها الله تعالى بقوله: (وَالْشَّجَرَةَ الْمَلْعُوْنَةَ فِيْ الْقُرْآنِ)، وَقَوْلُهُ (إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِيْ أَصْلِ الْجَحِيْمِ، طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوْسُ الْشَّيَاطِيْنِ) ورأى مالكاً خازن النار، ورأى المرأة المؤمنة التي كانت تمشط شعر ابنة فرعون، ورفضت أن تكفر بالله فأحرقها فرعون بالنار، ورأى الدجال على صورته، أجعد الشعر، أعور العين، عظيم الجثة، أحمر البشرة، مكتوب بين عينيه (كافر)، وغيرها من المرئيات..

أيها المؤمنون: وبعد هذه المشاهدات، عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة، وأدرك أن ما شاهده من عجائب، وما وقف عليه من مشاهد لن تتقبله عقول أهل الكفر والعناد ، فأصبح مهموماً حزيناً، ولما رآه أبو جهل على تلك الحال جاءه وجلس عنده ثم سأله عن حاله ، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم برحلته في تلك الليلة ، ورأى أبو جهل في قصته فرصة للسخرية والاستهزاء، فقال له: (أرأيت إن دعوت قومك أتحدثهم بما حدثتني به؟) ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (نعم) ، فانطلق أبو جهل ينادي بالناس ليسمعوا هذه الأعجوبة فصاحوا متعجبين، ووقفوا ما بين مكذب ومشكك ، وارتد أناس ممن آمنوا به ولم يتمكن الإيمان في قلوبهم، وقام إليه أفراد من أهل مكة يسألونه عن وصف بيت المقدس، فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم لأن الوقت الذي بقي فيه هناك لم يكن كافياً لإدراك الوصف، لكن الله سبحانه وتعالى مثل له صورة بيت المقدس فقام يصفه بدقة بالغة، حتى عجب الناس وقالوا: (أما الوصف فقد أصاب)، ثم قدم النبي صلى الله عليه وسلم دليلاً آخر على صدقه ، وأخبرهم بشأن القافلة التي رآها في طريق عودته ووقت قدومها، فوقع الأمر كما قال.. وفي ذلك الوقت انطلق نفر من قريش إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه يسألونه عن موقفه من الخبر، فقال لهم: (لئن كان قال ذلك لقد صدق) فتعجبوا وقالوا: (أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟)، فقال: نعم، إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة) فأطلق عليه من يومها لقب (الصديق) رضي الله عنه وأرضاه.

هذا بعض ما رءاه النبي صلى الله عليه وسلم في إسرائه ومعراجه وفيه لنا عبر كثيرة، نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يعتبر من الآيات القرءانية والسيرة النبوية إنه سمع الدعاء

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول ما تسمعون، واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

 

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمدًاً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها المسلمون: وهكذا كانت رحلة الإسراء والمعراج، وفي هذه الرحلة العظيمة دروس وعبر، لعلنا نقف على شيء منها:

الدرس الأول: الإيمان بقدرة الله تعالى التي لا تحدها حدود، والتي أسرت برسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عرجت به، ثم أعادته إلى بيت المقدس ليصلي إماماً بجميع أنبياء الله، تأكيداً لمقامه -صلى الله عليه وسلم- ثم رجعت به إلى بيته في مكة المكرمة، ليجد فراشه لا يزال دافئاً. فقد أوقف الله- تعالى- له الزمن، وطوى المكان، ولا يقدر على ذلك إلا رب العالمين. وهنا يجدر التأكيد على أن كلاً من الزمان والمكان هو من خلق الله عز وجل، وأن الله تعالى قادر على إيقاف الزمن، وعلى طي المكان لمن يشاء من عباده والله على كل شيء قدير.

الدرس الثاني: أن الإيمان برحلة الإسراء والمعراج، جزء من عقيدة المسلم، ذلكم أنه إحدى المعجزات التي أيد الله بها نبيه عليه الصلاة والسلام، والإيمان بالمعجزة، جزء من العقيدة الإسلامية، وهو امتحان لإيمان المؤمنين وارتياب المنافقين، ولهذا ارتد من ارتد عن الدين، لضعف إيمانهم وقلة يقينهم، وفاز بالصدق والصديقية، أبو بكر رضي الله عنه فسمي صديقاً، لإيمانه وتصديقه الجازم، بمعجزة الإسراء والمعراج، وهكذا الصحابة الكرام، ممن امتحن الله قلوبهم بالتقوى، ففازوا بالإيمان الراسخ والعقيدة الثابتة.

الدرس الثالث: لطف الله تعالى بعباده ونصرته لأوليائه والدعاة إلى سبيله، فقد جاءت رحلة الإسراء والمعراج، بعد أن اشتد برسول الله وصحابته الأذى، فجاءت هذه الرحلة، تكريماً من الله تعالى لهم، وتجديداً لعزيمتهم وثباتهم على الدين، وثقتهم بالله رب العالمين.

الدرس الرابع: أن الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي كان بيد بني إسرائيل، فيه إشارة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم، سيرث قيادة الأمة، وسترث أمته هذه البلاد، وفي عروج الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماوات العلى، ورفعه مكاناً علياً فوق جميع البشر، بشارة بأن الله عز وجل سيرفع كلمته، ويظهر دينه على الدين كله.

الدرس الخامس: أن في هذه الحادثة، دلالة على عظم شأن الصلاة، فقد اختصها الله من بين العبادات بأن تفرض في السماء عندما كلم رسوله صلى الله عليه وسلم بدون واسطة … (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كَتَاباً مَّوْقُوتاً)

الدرس السادس: في رحلة الإسراء والمعراج ظهرت: أهمية المسجد الأقصى بالنسبة للمسلمين، فهو والله أمانة في أعناقنا جميعاً حكاماً ومحكومين إلى قيام الساعة، إذ إنه مَسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه إلى السماوات العلى، وكان القبلة الأولى التي صلى المسلمون إليها في الفترة المكية، ولا تشد الرحال بعد المسجدين إلا إليه، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الأَقْصَى) وفي ذلك توجيه للمسلمين بأن يعرفوا منزلته وقدره، وأهميته وأن لا يفرطوا فيه، ويستشعروا مسئوليتهم نحوه، ويدافعوا عنه.

رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) اللَّهمَّ ربَّ جَبرائيلَ، وميكائيلَ، وإسرافيلَ، فاطرَ السَّمواتِ والأرضَ، عالِمَ الغيبِ والشَّهادَةَ، أنتَ تحكمُ بينَ عبادِكَ فيما كانوا فيهِ يختلِفون، اهدنا لما اختُلفَ فيهِ منَ الحقِّ بإذنِك، إنَّكَ تَهدي من تشاءُ إلى صراطٍ مستقيمٍ). (اللَّهمَّ إنِّا نسألُك إيماناً لا يرتَدُّ ونعيماً لا ينفَدُ ومرافقةَ نبيك محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أعلى جنَّةِ الخُلدِ يا رب العالمين.

اللّهم أرِنا الحقَّ حقاً وارزقنا اتِّباعه، وأرِنا الباطِلَ باطِلاً وارزقنا اجتِنابه، ولا تجعله مُلتَبِساً علينا فَنَضِلّ.. اللّهم يا مقلّب القلوب ثبّت قلوبنا على دينك، اللّهم ثبّتنا بالقول الثّابت، وأيِّدنا بِنَصرك، وارزقنا من فضلِك، ونجِّنا من عذابك، يا رب العالمين.

اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، وأعلي بفضلك وكرمك كلمتي الحق والدين، وثبتنا على صراطك المستقيم يا رب العالمين.

اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا، ووفق ولاة أمورنا، وفق ملكنا حمد بن عيسى وولي عهده رئيس وزرائه سلمان بن حمد وفقهم لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يارب العالمين.

اللهم كن لإخواننا المستضعفين المظلومين في كل مكان ناصراً ومؤيداً ومعيناً.

اللهم أحفظ بيت المقدس والمسجد الأقصى وأهله وفك أسره، وأحي في قلوب المسلمين والمؤمنين حبه ونصرته واجعله شامخاً عزيزاً إلى يوم الدين

 اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا، ونفس كروبنا وعاف مبتلانا، واشف مرضانا واشف مرضانا وارحم موتانا وعلمائنا وارحم والدينا برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم بارك لنا فيما بقي من رجب وشعبان وبلغنا رمضان يا سميع الدعاء.

الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ. (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

 

خطبة جامع الفاتح الإسلامي – عدنان بن عبد الله القطان – مملكة البحرين